جملة مؤشرات عكستها مواقف دوائر القرار الدولية مقابل التطورات الميدانية خلال الاسابيع القليلة الفائتة تعكس حال من اللايقين وتضارب احتمالات نشوب حرب شاملة تمتد من غزة وجنوب لبنان لتشمل المنطقة برمتها، وبالرغم من ان قرار الحرب هذا يبدو بعيد المنال سياسيا مع شدّ قطبيه الاساسيين اي كل من واشنطن وطهران باتجاه فرملة الجنوح نحو انفلات المواجهات العسكرية وابقائها تحت السيطرة او بتعبير أدق المحافظة على دفة قيادتها على نحو لا يسمح بانفجارها، يبدو ان صيف لبنان في حال نجاته من حرب مدمرة، سيكون بانتظاره موسم ضغوطات اقتصادية وليس موسم سياحة واعد حتى في حده الادنى.

وتشير اوساط مطلعة عبر "ليبانون فايلز" الى ان زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الاخيرة جاءت بعد ان وصلت الامور على جانبي الحدود اللبنانية - الاسرائيلية الى وضع غاية في الخطورة، وبعد ان اصبحت احتمالات الحرب جدية، الا ان مهمة هوكشتاين اقتصرت على تبادل رسائل التهديد المتبادل بين كل من اسرائيل وحزب الله فيما يظهر، وفشلت في تحقيق وقف اطلاق النار او خفض التصعيد العسكري الآخذ بالتدحرج تدريجيا في كل الاتجاهات بين الطرفين على نحو يشي بأن توقيتها قد يكون خلال ايام.
توقعات بامتداد الحرب على اقل تقدير حتى الى ما بعد الانتخابات الاميركية، كون وقف الحرب في غزة هو أمر لا يزال خارج سيطرة بايدن بسبب تعنت نتنياهو السائر في خطة إبقاء النار مشتعلة لغاية وصول ترامب للبيت الأبيض بحسب رغبته، يعني ان الجبهات ومنها لبنان ستشهد مزيدا من الاشتعال والتصعيد في الاعمال العسكرية والاستخبارية، والى حينه يتوجب على الادارة الاميركية خلق وسائل ضغط تلزم كل من تل ابيب والحزب بخطوط حمراء ليس عليهما تخطيها خلال الاشهر الفاصلة وحتى الى ما بعد موعد تلك الانتخابات، تتمثل بمجموعة اجراءات منها باتجاه اسرائيل كتخفيض شحنات الاسلحة الى تل ابيب مع عدم وقف التصريح العلني بالدعم على كل الصعد امام الخصوم، أما لجهة لبنان فإن المشهد سيكون مغايرا لجهة توجيه التصعيد نحو ضربات عسكرية مدروسة كما في اتخاذ مجموعة اجراءات تسهم في تعميق الانهيار الاقتصادي ليصبح اشد قساوة يتم على وقعه التفاوض على تسوية تؤدي الى هدنة في مسرح العمليات الحربية جنوبا وتكون مقدمة لحل حدودي، وقد أتت اثارة مسألة صواريخ حزب الله في مطار بيروت كمقدمة لتلك الضغوط وهو ما يفسّر توقيت نشر التلغراف البريطانية لهذا الموضوع وما يسببه من ضغوطات اقتصادية في هذا المجال.